سورة الزمر - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


قوله تعالى: {تنزيلُ الكتابِ} قال الزجاج: الكتاب هاهنا القرآن، ورفع {تنزيلُ} من وجهين.
أحدهما: الابتداء، ويكون الخبر {مِنَ الله}، فالمعنى: نزل من عند الله.
والثاني: على إضمار هذا تنزيلُ الكتاب؛ و{مُخْلِصاً} منصوب على الحال؛ فالمعنى: فاعبُدِ الله موحِّداً لا تُشْرِكْ به شيئاً.
قوله تعالى: {ألا للهِ الدّينُ الخالصُ} يعني: الخالص من الشِّرك، وما سِواه ليس بِدِين الله الذي أَمر به؛ وقيل: المعنى: لا يَستحِقُّ الدِّينَ الخالصَ إِلاّ اللُهُ.
{والذينَ اتَّخَذُوا مِنْ دونِه أولياءَ} يعنى آلهة ويدخُل في هؤلاء اليهودُ حين قالوا {عُزَيْرٌ ابنُ اللهِ} [التوبة: 30] والنصارى لقولهم {المسيحُ ابنُ الله} [التوبة: 30] وجميعُ عُبَّاد الأصنام، ويدُلُّ عليه قولُه بعد ذلك {لو أرادَ اللهُ أن يَتَّخِذَ وَلَداً} [الزمر: 4].
قوله تعالى: {ما نَعْبُدُهم} أي: يقولون ما نعبُدُهم {إلا لِيُقَرِّبونا إِلى الله زُلْفى} أي: إِلاّ لِيَشْفَعوا لنا إِلى الله، والزُّلْفى: القُرْبى، وهو اسم أُقيم مقامَ المصدر فكأنه قال: إلاّ لِيُقَرِّبونا إِلى الله تقريباً.
{إنَّ الله يحكمُ بينهم} أي: بين أهل الأديان فيما كانوا يختلفون فيه من أمر الدّين. وذهب قوم إلى أن هذه الآية منسوخة بآية السيف، ولا وجه لذلك.
قوله تعالى: {إنَّ الله لا يَهْدي} أي: لا يُرْشِد {مَنْ هو كاذبٌ} في قوله إِن الآلهه تشفع {كَفَّارٌ} أي: كافر باتِّخاذها آلهة. وهذا إِخبار عمن سبق عليه القضاء بحرمان الهداية.
{لو أراد اللهُ أن يَتَّخِذَ وَلَداً} أي: على ما يزعم من ينسُب ذلك إِلى الله {لاصْطَفَى} أي: لاختار ممّا يخلُق. قال مقاتل: أي من الملائكة.


قوله تعالى: {خَلَقَ السمواتِ والأرضَ بالحَقِّ} أي: لم يخلقهما لغير شيء.
{يُكَوِّرُ اللَّيلَ على النَّهار} قال أبو عبيدة: يُدْخِلُ هذا على هذا. قال ابن قتيبة: وأصلُ التَّكْوِير: اللَّفُّ ومنه كَوْرُ العِمامة، وقال غيره: التَّكْويرُ طَرْحُ الشيء بعضه على بعض.
{وسخَّر الشَّمسَ والقمر} أي ذللّهما للسَّير على ما أراد {كُلٌّ يَجْري لأَجَلٍ مسمَّى} أي: إِلى الأجَلَ الذي وقَّت اللهُ للدُّنيا. وقد شرحنا معنى العزيز في [البقرة: 129] ومعنى الغفَّار في [طه: 82].


قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحدةٍ} يعني آدم {ثُمَّ جعَلَ منها زَوْجَها} أي: قَبْلَ خَلْقِكم جعل منها زوجها، لأنّ حَوّاءَ خُلِقَتْ قَبْلَ الذُّرِيَّة، ومِثْلُه في الكلام أن تقول: قد أعطيتُكَ اليوم شيئاً، ثُمَّ الذي أعطيتُكَ أمس أكثر؛ هذا اختيار الفراء. وقال غيره: ثم أَخبركم أنه خَلَق منها زَوْجَها. {وأَنْزَلَ لكم من الأَنعام} أي: خَلَق {ثمانيةَ أزواجٍ}، وقد بيَّنّاها في سورة [الأنعام: 143].
{خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ} أي: نُطَفاً ثُمَّ عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عَظْماً ثم لَحْماً، ثم أنبت الشَّعر، إِلى غير ذلك من تقلُّب الأحوال إِلى إِخراج الأطفال، هذا قول الجمهور. وقال ابن زيد: خَلْقاً في البُطون مِنْ بَعْدِ خَلْقِكم في ظَهْر آدم.
قوله تعالى: {في ظُلُماتٍ ثلاثٍ} ظُلْمة البَطْن، وظُلْمة الرَّحِم، وظُلْمة المَشيمة، قاله الجمهور، وابن زيد معهم. وقال أبو عبيدة: إِنها ظُلْمة صُلْب الأب، وظُلْمة بَطْن المرأة، وظُلْمة الرَّحِم.
قوله تعالى: {فأَنَّى تُصْرَفُونَ} أي: من أين تُصْرَفون عن طريق الحَقِّ بعد هذا البيان.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8